الخبرة القضائية لازماً متمماً لحسن سير العدالة
التقى موقعنا خبير المحاسبة المجاز والمؤلف الاستاذ مصطفى الذيب للاضاءة على أهمية الخبرة القضائية والتي بيّنها في كتابه.
وقد أشار الى انه مع التقدم التقني والعلمي أصبحت مهمّة القاضي صعبة مهما بلغت مكانته العلمية وثقافته الواسعة، إذ ليس بالضرورة أن يكون ملماً بالمسائل ذات الطبيعة التقنية كمسائل الطب والمحاسبة والهندسة والبيولوجيا والفيزياء وغيرها، حيث أن الأمر يحتاج إلى مساعدة من أهل العلم والاختصاص في علوم ومعارف فنية متخصصة، من أجل معرفة مضمون وتفاصيل الوقائع التي تكون موضوع نزاع أمام القضاء، والوقوف على حقيقة هذا الموضوع. فتكون الخبرة وسيلة في إنارة الطريق أمام القاضي ليتمكّن من اتخاذ الحكم المناسب العادل في النزاع القائم المعروض عليه.
وقد لفت الى الفرق بين “المعاينة” التي تتناول المعرفة الحسّية للشيء الذي تجري معاينته، أي أنها مجرد ملاحظة في ما تراه العين وتلمسه اليد دون الاعتماد على التفكير والتأمل في الأسباب البعيدة، ودون أن تتجه أنظار الشخص القائم بها إلى إدراك العلاقات القائمة بين هذه الظواهر وأسبابها، أما “الخبرة” في مفهومها العام فتتضمن المعرفة والمهارة وقدرة الملاحظة. وتُكتَسَبُ الخبرة من خلال المشاركة في العمل المستند أساساً إلى علمٍ أكاديمي، وتكرار المشاركة تؤدي إلى تثبيت هذه الخبرة وإكسابها بعداً علمياً.
من ناحية أخرى، أشار إلى أن رأي الخبير لا يقيّد المحكمة وكذلك المعلومات التي وردت في تقريره، إلا أن الواقع يفرض على القاضي الإستناد إلى تقرير الخبير إذا ما اقتنع بالمعلومات الواردة فيه عند اتخاذ قراره في الحكم الفاصل في القضية المعروضة أمامه. وبذلك يكون تقرير الخبير الفني جزءاً مكملاً للحكم.
كما نبّهوالى أن عمل الخبير يكون دائماً محلاً للرقابة والمحاسبة، سواءً من قبل القضاء أو من قبل الخصوم أنفسهم، لذلك يتوجب عليه أثناء تأدية مهمَّته أن يستند دائماً إلى علمه ودرايته للقوانين التي تحكم المسائل المتعلّقة بعمله، فيتوخى الحيطة والحذر باعتماده على الصدق والأمانة والتجرّد والاستقلالية، لكي يصل إلى النتائج التي يصبو إليها بعيداً عن المساءلة والمسؤوليات التي تقع على عاتقه والتي يمكن أن تقضي على مستقبله المهني في حال إخلاله بواجباته.
أخيرا شدّد على ضرورة إيلاء الخبرة القضائية اهتماماً خاصاً من خلال إقامة الندوات العلمية المتخصصة، ومن خلال تدريسها كمادة مستقلة في المعاهد والجامعات التي تعنى باختصاصات المهن الحرّة، نظراً لما للخبرة من أهمية بالغة في مساعدة العدالة من خلال البحث عن حقيقة الأمر، وصولاً إلى حسم المنازعات المعروضة أمام القضاء.